يجمع مراقبون يتابعون للعلاقات بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" ان مقارنة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بين هذين التيارين بالثنائي الشيعي، والمطالبة على اساسه بتوزيع المقاعد الوزارية المسيحيّة مناصفة بينهما على غرار ما هو حاصل بين امل وحزب الله ليست دقيقة لا في الشكل ولا في المضمون، والامر الوحيد الذي يجمعهما هو ان مواجهات حصلت في الماضي بين الفريق الواحد أسّست لتفاهم كامل بين الشيعة، وابقت النار تحت الرماد بين الفريق المسيحي.
ويقول هؤلاء ان تفاهم معراب كان يجب ان يترجم بتأييد كامل لسياسة العهد، وإظهار التضامن الوزاري خلال الحكومة الاولى التي تمثلت فيها القوات بحقائب وازنة وأساسية.
لكن اليوم وحسب هؤلاء يعوّل تكتل لبنان القوي للتصدي للهجمة التي يتعرض لها، عبر وضع خطة إعلامية سياسية لهذا الغرض،وخصوصا على المستوى المسيحي من باب اتهامه بالسعي الى عزل القوات اللبنانية والاستئثار بالحصة الوازنة المسيحية، ولاحقا التعيينات الإدارية، وخصوصا بعدما ثبتت جدارة القوات اللبنانية في التسويق لنفسها ومطالبها، قبل الانتخابات النيابيّة وبعدها، من خلال إظهار نفسها بموقع المغلوب على أمره او انها الطرف المتمسك باتفاق معراب فيما التيار الوطني الحر هو الّذي يخرقه.
تقول مصادر مطلعة على موقف التيار الوطني الحر ان الخرق الاول والاساسي لاتفاق معراب كانت القوات وراءه. اذ بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا سعت القوات اللبنانية الى الإفادة من العهد ومن وهج انتخاب عون، عبر محاولة فرض رأيها في التشكيلة الحكومية، فكان لها ما ارادت ووافقت قيادة التيار الوطني الحر على حصة رباعيّة قواتيّة بما فيها نيابة رئاسة الحكومة، مع علمها ان هذه الحصة مضخّمة كمًّا ونوعًا، الى ان جانب توزير النائب السابق ميشال فرعون على حساب نائب رئيس التيار نقولا صحناوي المرشح الاقوى في حينه في مواجهة نيابة فرعون.
واضافت المصادر ان القوات حاولت مقاسمة التيار في التعيينات الإدارية والدبلوماسية والتشكيلات في مجلس الوزراء وسجلت تحفظها على رغم انها حصلت على من سمّتهم، والامر نفسه انسحب على التشكيلات القضائيّة وعلى تعيينات في مراكز ادارية عدة.وكان لها ما ارادت في ملف المستشفيات رغم التحفّظات التي ظهرت في حينه على آلية ادارة هذا الملف.
وتتابع المصادر المطّلعة، ظل الكباش على هذه الوتيرة بين الفريقين، وكانت قيادة التيار في كل مرة تفضل التغاضي صونا لاتّفاق معراب، الى ان ارتفع منسوب التوتر مع الطريقة التي اعتمدتها القوات في مقاربتها ملفّ الكهرباء، والتي اتّسمت باعتمادها المسار الفضائحي والاتهام المباشر للتيار بالسرقة. وفاضت الكأس تماما مع الآليّة التي اعتمدتها القوات في الترشيحات النيابية عندما بادرت من خارج السياق وفي توقيت مبكّر الى ترشيح فادي سعد في البترون.وفي وقت كان الحوار قائما على امكان التحالف بين الفريقين في اكثر من منطقة، بما فيها البترون، كان الترشيح رسالة مباشرة الى وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل شخصيا، اذ ان تسمية مرشح قواتي من وسط قضاء البترون بدل الجرد يريح النائب السابق بطرس حرب في الجرود ويضيّق خيارات التيار، فكانت الرسالة واضحة وضوح الشمس ودفعت باسيل الى التصرف في ضوئها.
وتشير المصادر الى ان التراكمات والترسّبات زادت شيئا فشيئا في العلاقة بين الجانبين، ولم تعد تنفع معها لقاءات الترطيب، وزاد الطين بلة اندفاع الجيش الاكتروني للقوات اللبنانية الى مهاجمة قيادة التيار وباسيل شخصيا، ما تسبب برد فعل لدى جمهور التيار، الى حين زادت حدّة الحملات الالكترونيّة المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين كانت التسريبات المنظّمة التي تهاجم التيّار وقيادته تملأ وسائل الاعلام وتحمل شتّى التهم في ملفات الكهرباء والنفط والنفايات والإدارة وغيرها، وبلغت ذروتها في الكلام عن العزل والحصار في مجلس النواب في مسألة انتخابات هيئة مكتب المجلس، وفي المشاورات لتشكيل الحكومة واتهام التيّار برغبته في الاستئثار بالسلطة من خلال مصادرة حقوق القوات.
وتذكّر المصادر المطّلعة على موقف التيار الوطني الحرّ بأن ملفّ الاعلام الرسمي على سبيل المثال كان يمكن ان يكون مساحة مشتركة بين الطرفين،لو تم الأخذ برأي رئيس الجمهورية في تعيينات تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية للاعلام.
من هنا ترى المصادر أنّ من غير المستبعد ان تكون وزارة الاعلام من حصّة التيار الوطني الحر في الحكومة الجديدة ويرشّح لها خبير إعلامي يملك مشروعا متكاملا للنهوض بالإعلام الرسمي.
في الخلاصة، لا يبدو انّ الاشتباك القائم بين الفريقين سيؤدّي الى نتيجة خصوصًا في ظل الكلام أن القطار سيمشي بمن سيدخله.